۱۳ خرداد ۱۳۹۴

قراءة متأنية لمؤتمر باريس

قراءة متأنية لمؤتمر باريس


اجتمعت يوم أمس الثلاثاء في باريس مجموعة مكوّنة من ممثلي 24 دولة، معظم الدول الغربية الرئيسية وكبار الدول العربية، وهذه الدول هي الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش. ولسنا هنا بصدد سرد كل ما يمكن أن يقال بشأن ما دار في المؤتمر وما نتج منه.  لكن من خلال دراسة عابرة لهذا المؤتمر و إيجابياتها وسلبياتها يمكننا أن نقول:

1.    عدم مشاركة نظام الملالي في المؤتمر يعدّ أكبر قرار ايجابي له. ومعناه أن هذا المؤتمر تبنّى النظرية التي تقول أن إيران الملالي هو المشكلة في العراق وليس الحل، وحيث أن هذا المؤتمر كان بصدد البحث عن الحلول فلا مجال لحضور نظام الملالي فيه. وفضل هذا الموقف، قبل الآخرين، يعود لحكومة فرنسا وموقفها حيال أزمات المنطقة بشكل عام وفهمها عن الدور التخريبي لنظام الملالي بشكل خاص. وهذا الموقف ولولم يترجم في البيان النهائي للمؤتمر لكنه جدير بالإشادة والتقدير. ولم ننس الموقف الفرنسي المبدئي في نهاية المفاوضات النووية في نوفمبر من العام 2013  الذي أدى  إلى موقف دولي أكثر جزماً حيال النظام الإيراني.

2.    في البيان الذي صدر عن الرؤساء الثلاث للمؤتمر (فرنسا- العراق- الولايات المتحدة) تم التأكيد على ضرورة "الأهمية البالغة" لإجراء اصلاحات سياسية في العراق لحشد العراقيين في القتال ضد داعش. كما «أكّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التزام السلطات العراقية بتعزيز سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان للجميع، وانتهاج سياسة شاملة للجميع، والتحقّق من التمثيل العادل لجميع فئات المجتمع العراقي في المؤسسات الاتحادية وأن يحظى جميع المواطنين بالمعاملة المتساوية بدون تمييز.» وهذا أهم ما ينقصه المجتمع العراقي في الوقت الحالي. كما «كرّر أعضاء التحالف تعبيرهم عن الأهمية القصوى لإحراز التقدّم السريع في عمليات الإصلاح والمصالحة في إطار البرنامج الوطني للحكومة العراقية ، ومن ضمنه إنشاء قوة حرس وطنية من أجل بسط سيطرة الدولة على جميع الجماعات المسلحة...»، وهذا ما أكد ويؤكد عليه جميع الشخصيات الوطنية العراقية من السنة والشيعة لكنه لم يتبلور في الواقع حتى الآن.

3.      وبالنسبة لسوريا فقد أحيط الشركاء في التحالف علماً بالتدهور المستمر في الوضع في سورية و تم التأكيد على عدم قدرة ورغبة نظام بشّار الأسد على محاربة داعش، وأشاروا إلى الحاجة الملّحة للتوصل إلى حل سياسي للصراع في سورية بغية معالجة الأسباب الجذرية لتوسع تنظيم داعش، وتكرار تعهدهم بصون وحدة سورية وسيادتها والدعوة إلى بداية عملية سياسية حقيقية وشاملة للجميع على وجه السرعة من خلال الأمم المتحدة من أجل تنفيذ إعلان جنيف وإقامة هيئة حكم انتقالية...

4.    هذه مواد مهمة جدا في بيان النهائي للمؤتمر، لكن الشيئ الذي ينقصه هو عدم التطرق لأهمّ الأسباب لما آلت إليه الظروف العراقية والسورية. ونرى في هذا المجال شيئ من التباين في الموقف، حيث أنه لاشك أن سبب عدم دعوة نظام الملالي إلى هذا المؤتمر يعود إلى أن المجتمعين لايرون في إيران الملالي طريقاً للحلّ، بالعكس تماماً هذا النظام هو أساس المشكلة والأزمة في العراق وفي سوريا. وهذا الواقع يقوله ويكرّره رجال السياسة وأصحاب الفكر والتحليل والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في العراق وسوريا وفي العالم أجمع... كما أن في سوريا فإن الجميع من أعضاء المعارضة  السورية وكل صاحب ضمير سياسي في العالم يقول بأن نظام الملالي كان وراء عدم سقوط بشار الأسد. ويكفي لفهم مدى تباين موقف النظام الإيراني مع المشاركين في هذا المؤتمر أن نعرف أن حسن روحاني رئيس إيران «المعتدل» صرّح يوم أمس خلال لقائه محمد اللحام أن نظام الملالي سيدعم نظام بشار الأسد «حتى النهاية» بينما يؤكد المشاركون في المؤتمر  على« إعلان جنيف وإقامة هيئة حكم انتقالية» .

5.    وفي المجال نفسه كان من المفترض التطرق لجرائم المليشيات الشيعة التابعة لنظام الملالي والذين يتبعون ولاية الفقيه ومرجعهم خامنئي. هؤلاء الذين يرتكبون جرائم أحياناً افظع وأبشع من داعش وهم الذين لم يتجرأ سكان مدينة تكريت العودة إلى بيوتهم حتى الآن خوفاً منهم. هؤلاء الذين يقودهم عناصر من قبيل هادي العامري الذي يعتبر جنرالاً في الحرس الأيراني وفي قوات القدس أو ابومهدي المهندس الذي كان متورطاً في عمليات إرهابية عديدة، كما أن قائدهم هو قاسم سليماني قائد قوات القدس، وهم الذين لا يقبلون متابعة القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، وكما صرّح هادي العامري مؤخرا في حديث له مع صحيفة ديلي تلغراف البريطانية بقوله: «فكرة الهجوم المضاد الوشيك على الرمادي التي يعد بها رئيس الوزراء ... «مضحكة» وأن أي شخص يقول لكم ذلك مجرد كاذب» كما أكد أن «الحكومة لن تحاول استعادة الرمادي من أيدي التنظيم خلال الفترة القريبة المقبلة». وهذا معناه أنه يقف في الطرف النقيض من حيدر العبادي. فكان جديراً على المؤتمر أن يقول كلمته في هذا المجال. والمشاركون لم يتطرقوا إلى هذا الموضوع بالعكس تكلموا بشكل عام «عن القوات المسلحة العراقية» بشكل استخلص منه بعض الصحفيين أن هذا المؤتمر كان مؤيداً لمشاركة الميليشيات، كما عبرته عنه صحيفة الحياة في عنوانها عن هذا المؤتمر «التحالف يؤيد مشاركة ”الحشد الشعبي” لاستعادة مناطق عراقية يحتلها ”داعش”»

6.    هناك نقطة أخرى يجب التنويه إليه وهي أن هذا المؤتمر حدث دولي وعالمي عل مستوى الحكومات، وهناك مؤتمر عام آخر بعد عشرة  أيام أي في 13 من حزيران في معرض فيلبنت في باريس، يشارك فيه عشرات الآلاف من أبناء الجاليات الإيرانية وكذلك مئات من الشخصيات السياسية والفكرية والبرلمانية و... وأيضاً وفود من أبناء الجالية السورية والعراقية. هؤلاء أيضاً سيقولون كلمتهم في ما يتعلق بإيران وبثورة الشعب السوري وبما بجري في العراق أيضاً. ومن خلال تركيب هذين الحدثين يمكن الوصول إلى المعطيات الحقيقة في منطقتنا. 

شوراي ملي مقاومت

هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر